الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

الطائفية من حيث القانون

بسم الله الرحمن الرحيم
( يا أيها الذين آمنوا اتقو الله و قولوا قولا سديدا)..صدق الله العظيم
الطائفية من حيث القانون
1- و فجأة صدرت قرارات (لمكافحة الطائفية) و الحد من النشاط الطائفي فكان أن نقل خطيب مثير للفتن إلى مسجد آخر و كان أن أغلقت ثلاثة مواقع الكترونية وصفت بأنها تثير الفتن الطائفية و تم استدعاء من يشتبه في أنهم القائمون عليها من قبل جهاز الأمن الوطني للتحقيق معهم أو لتحذيرهم ( لان هذا هو معني أن الاستدعاء كان وقائيا)
2- و لنا كامل الحق في التساؤل المشروع عن سبب تأخر اتخاذ تلك الإجراءات لعدة سنوات ..فمن المعلوم أن النشاط الطائفي(بمعناه المستقبح) هو مثل كرة الثلج التي تزداد كتلتها بازدياد انحدارها
3- كما أن قرار الإغلاق قد صدر إداريا و ليس قضائيا و هو( إجراء منتقد) لأن الحد من حرية التعبير (و هو تصرف استثنائي يرد على حق دستوري يجب أن يتم بمقتضى حكم قضائي ) .. ليكون هناك ضمانة لكل طرف ذي علاقة من انه لا يتم التعسف ضده
4- كما أننا لا نرغب في تكريس ممارسات خاطئة فمخالفة القانون يجب أن تعالج قانونيا و ليس (لا قانونيا)
5- و قد تكون هناك حقوق لصيقة بطائفة ما ..بما هي طائفة كذا , فممارستها لتلك الحقوق لا يوصمها بالطائفية ,طالما لم تتعد على حقوق الآخرين فهناك حقوق يثبت للفرد بما هو إنسان و هناك حقوق تثبت له بما هو منتم لطائفة معينة , و هناك حقوق تثبت له بما هو منتسب لوطن معين, و عليه يجب أن نتحقق من أي سلوك- قد يقال- أو يوصف بأنه سلوك طائفي مما إذا كان ممارسة لحق أو اعتداء على مجتمع و إثارة الفتنة فيه
و من ناحية أخرى:
فإن مصطلح الطائفية بمعناه المريض غير منضبط فهو فضفاض يمكن أن ندخل فيه كل ما لا يعجبنا من أفعال الآخرين .. لذا وجب أن ُيحدد المصطلح و أنماط السلوك المنضوية تحته تحديدا جامعا مانعا,
و إلا أصبحنا – في مجال اعتباره جريمة- نتعامل بما يطلق عليه رجال القانون (جرائم القالب الحر) أي نفترض قالب أو ثوب كل من ألبسناه أو قولبناه به فهو مجرم و مثال ذلك التعبير( بكل ما من شأنه أن يثير فتنة ) أو (أي شيء يثير فتنة ) أو (كلما كان نتيجة ذلك إثارة فتنة) .. و هناك اتجاه عالمي نحو رفض التجريم بهذه الطريقة لأنها تتنافى مع (مبدأ شرعية الجرائم) و الذي معناه أن( لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص قانوني تشريعي)
و من ناحية أخرى ايضا:
1- الاتجاه الفقهي القانوني الذي كاد أن يكون مطبقا هو انه ُيعترف بالمحررات المكتوبة الكترونيا بالحجية في الإثبات في المواد المدنية و التجارية.. و لكن هل الحال كذلك في مجال قانون العقوبات ؟؟ .. الحق انه لا يكون كذلك إلا بصدور تشريع صريح .. و لست متأكداً من صدور هكذا تشريع في مملكة البحرين
2- و علينا الاعتراف انه في البحرين هناك طائفتان كريمتان كبيرتان و ليس طوائف كما يقول تلفزيون البحرين في إعلامه في المناسبات ( شعب البحرين بكافة طوائفه و فئاته) و ليس لدينا فئات حيث لا يوجد نظام الإقطاع و لا نظام فئة النبلاء و السوقة و العبيد و غيرها من التقسيمات
3- كما يجب الاعتراف أن الطائفية في البحرين تمارس سياسيا و ليس دينيا حيث أن الطائفية الدينية لا غنيمة من ورائها بينما الطائفية السياسية يرتجى الكثير من الغنائم من ورائها مثل ( أصوات انتخابية, وظائف كبرى و متوسطة , بعثات دراسة , مخصصات مالية ،تعجيل خدمات من الدولة كالإسكان ,الحصول على مساعدات أو إعفاءات)
4- سمعت من بعض الخبراء في مجال مكافحة الأمراض أو الإدمان أن المعالجة تتوقف بالدرجة الأولى على الاعتراف بالمشكلة و برأيي أن ما ينطبق على الأمراض الاجتماعية ينطبق أيضاًعلى الأمراض الاجتماعية
5- ربما يستفيد البعض من الطائفية فقد يبني له تجارة أو يكتسب منصبا أو يحصل امتيازا لكنه لا يبني وطنا ..و الله المستعان
6- وهذا الموضوع طويل و معقد و خطير و لكن لا استطيع الكتابة فيه بإسهاب كي لا ُيمل من قرائته لذلك أوجر النقاط السابقة فقط في التوصيات التالية
1- تحديد معني الطائفية المستقبحة قانونا
2- تحديد أنماط السلوك الإجرامي المتعلق بالطائفية
3- إصدار نص تشريعي جامع مانع يجرم جميع العناوين المسببة للمشاكل مثل ( التميز بالطائفة التمييز بالجنس التمييز بالعرق ) و سن تشريعات رادعة و فاعلة
4- اعتماد مبدأ الكفاءات و ليس الو لاءات و لا الانتماءات للحصول على الوظائف و المناصب
5- اعتماد مبدأ الشفافية في كافة التعاملات
6- الحد من السلطات التقديرية و تكريس مبدأ السلطات غير التقديرية ( بمعني كل من انطبقت عليه الشروط فهو يستحق كذا و ليس للإدارة اختيار من تراه مناسبا) لأنه باب تنفذ منه الممارسات الطائفية المستقبحة
7- أي عقوبة يجب أن تتم بحكم قضائي ضمانا لعدم التعسف
8- أن نتحلى بروح التسامح من جهة و بروح المبادرة من جهة أخرى فلا ننتظر حتى تصطك الأسنة وتتضخم المشاكل ثم و – باستعجال و ارتجال – نقوم بمحاول حلها
9- و أي إجراء في هذا الصدد يكون نابعا عن دراسة علمية و واقعية وعميقة و قبل تنفيذ ذلك الإجراء يجب أن نكون قد اتخذنا الاحتياطات لأي نكسة أو حالة غير متوقعة
10- نسال الله جل اسمه أن يكفينا الفتن ما ظهر منها و ما بطن و أن يجعل البحرين بلدا آمناً مطمئنا إنه سميع مجيب
****
بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: