الإضراب (في الفقه القانوني)
لا زلت أذكر الأخ العزيز الأستاذ عبد النبي الشعلة وزير العمل والشئون الاجتماعية السابق حيث صرح في لقاء تلفزيوني وفي جواب يتعلق بالإضراب ومدى جوازه قانونا حيث ذكر بأنه في بعض البلدان لا يقوم العاملون المتذمرون بالإضراب عن العمل وإنما يكتفون بوضع شارة أو شريط على عضد أيديهم للدلالة على تضامنهم وإجماعهم على مطالب معينة ولقد ذكر في تصريحه بان وضع تلك الشارة يؤدي إلى تأثير أقوى من الإضراب عن العمل.. وبرأي أن ذلك يفيد في حالات ولا يفيد في حالات أكثر ولكن ليس هذا هو الموضوع وإنما الموضوع هو:
1- يقصد بالإضراب الامتناع عن القيام بالعمل من دون تقديم استقالة.. وعادة ما يكون الإضراب جماعيا بمعني ليس من المألوف أن يضرب شخص أو شخصان عن العمل لان الغرض من الإضراب هو الضغط على صاحب العمل أو الإدارة لإرغامها للرضوخ لتنفيذ لمطالب معينة يطالب بها العمال ولا يكاد يتحقق ذلك إلا بإضراب جماعي لان الإضراب الفردي لا يشكل ضغطا على الإدارة أو على صاحب العمل.
2- يتفق فقهاء القانون وكذلك القضاة على وجوب حسن سير المرافق العامة وعدم جواز تعطيلها بل ولا إعاقتها أو عرقلتها ويزداد التأكيد بالنسبة للمرافق العامة الحيوية والحساسة مثل المستشفيات وعمال الإطفاء ومسئولي الجمارك والحدود.
3- ويقصد بالمرافق العامة هي الأجهزة أو المؤسسات التي تديرها الدولة أو تعهد إلى جهة معينه بإدارتها ولكن تحت إشرافها كالمواني والمستشفيات والمطارات وقطاعات الخدمات الضرورية ولا يقصد بها المشروعات التي تقيمها الدولة بغرض الاستثمار كالمصانع.
4- ويتجه الفقه الغالب إلى أن العلاقة التي تربط الدولة بموظفيها ليست علاقة تعاقدية وإنما علاقة تنظيمية والفرق بينها يتضح من الشرح التالي:
- العلاقة التعاقدية تسمح لأي من طرفيها بوضع شروط معينة.
- العلاقة التعاقدية يمكن التفاوض فيها على الأجر وساعات العمل وأيام الإجازة.
- العلاقة التعاقدية يمكن لأي من طرفيها أي يعفي أو يتنازل عن بعض أو كل الشروط أو المستحقات لصالح الطرف الآخر.
- العلاقة التعاقدية تخضع للقواعد القانونية المنظمة لعلاقات الأفراد (القانون الخاص).
- العلاقة التعاقدية في حال الخلاف أو النزاع يتبع في إجراءات التقاضي بينهما إجراءات القانون المدني ويفصل في الخلاف بين الطرفين وفقا لقواعده.
- العلاقة التنظيمية لا يسمح بالتغيير في البنود ولا في الشروط ولا في الالتزامات الواردة بها ولا يمكن لأي من الطرفين ولا كلاهما التغيير فيها.
- وتخضع إجراءات التقاضي لإجراءات القانون الإداري وهو الذي يطبق على النزاع للفصل فيه وهو من فروع (القانون العام).
- في العلاقة التنظيمية بمجرد أن تغيير الدولة في البنود المنظمة للعلاقة بينهما وبين موظفيها تسري عليهم فورا وبدون حاجة لموافقتهم.
5- لذلك لا يجوز الإضراب عن العمل في الوزارات والهيئات الحكومية لسببين هما:
أ- أنها مرافق عامة ولا يجوز تعطيل أو إعاقة المرافق العامة.
ب- أن المسئول الإداري لا يمتلك صلاحية تغيير أو التنازل عن ما نصت عليه بنود تلك العلاقة التنظيمية التي تنظم علاقة الموظفين بالدولة.
6- ولهذا كان وضع علامة جماعية للدلالة عن تبني جماعة معينة لمطالب معينة يعتبر بديلا ناجحا وفاعلا وموفقا عن الإضراب عن العمل فهو من جهة لا يعرقل المرافق العامة ومن جهة أخرى يظهر للعلن وجود توافق جماعي على ضرورة تحقيق مطالب معينة.
7- وحينها – يفترض- أن يرفع المسئول الإداري المشكلة للحكومة التي تدرس المشكلة وتضع تصوراتها للحلول وتتخذ ما تراه مناسبا إن كان بالاستجابة للمطالب أو تحقيق بعضها أو رفضها إن كان ذلك من صلاحيتها الدستورية أو تحيل الموضوع للسلطة التشريعية لاتخاذ القرارات اللازمة بشأن المشكلة.
8- وعلى هذا فمتى التزم العاملون والموظفون بالحدود القانونية لإعلان مطالبهم لم يكن للمسئول الإداري (كالوزير مثلا) أي حق في تخويفهم وإرعابهم بغرض التأثير عليهم لكي يتخلوا عن مطالبهم.
9- ومع أن القوانين -في دولنا- غالبا ما تمنح المسئول الإداري صلاحيات شبه مطلقة لكن فقهاء الإدارة العامة يحذرون من مغبة استعمال تلك السلطات الواسعة لأنها ستؤدي إلى أن الموظف والعامل يؤدي عمله بدون مثابرة و(بدون نفس) ويقتصر على الحد الأدنى المطلوب منه تجنباً للعقاب وبذلك تغيب روح المثابرة وحب الإبداع وجهود وأفكار التطوير.
10- فينصح دائما باتباع سياسة الإقناع وسياسة الحوافز والتقيُد بالمساواة في الفرص للترقية والتدريب والتدريس ومساعدة الموظفين والعاملين على تجاوز محنهم الخاصة التي قد يمرون بها ماليا أو معنويا كتوفير أخصائي اجتماعي للموظفين كما يتم توفيره للتلاميذ لان ذلك من شأنه الارتقاء بمستويات أداء العمل وإتقانه وتطويره.
بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com
لا زلت أذكر الأخ العزيز الأستاذ عبد النبي الشعلة وزير العمل والشئون الاجتماعية السابق حيث صرح في لقاء تلفزيوني وفي جواب يتعلق بالإضراب ومدى جوازه قانونا حيث ذكر بأنه في بعض البلدان لا يقوم العاملون المتذمرون بالإضراب عن العمل وإنما يكتفون بوضع شارة أو شريط على عضد أيديهم للدلالة على تضامنهم وإجماعهم على مطالب معينة ولقد ذكر في تصريحه بان وضع تلك الشارة يؤدي إلى تأثير أقوى من الإضراب عن العمل.. وبرأي أن ذلك يفيد في حالات ولا يفيد في حالات أكثر ولكن ليس هذا هو الموضوع وإنما الموضوع هو:
1- يقصد بالإضراب الامتناع عن القيام بالعمل من دون تقديم استقالة.. وعادة ما يكون الإضراب جماعيا بمعني ليس من المألوف أن يضرب شخص أو شخصان عن العمل لان الغرض من الإضراب هو الضغط على صاحب العمل أو الإدارة لإرغامها للرضوخ لتنفيذ لمطالب معينة يطالب بها العمال ولا يكاد يتحقق ذلك إلا بإضراب جماعي لان الإضراب الفردي لا يشكل ضغطا على الإدارة أو على صاحب العمل.
2- يتفق فقهاء القانون وكذلك القضاة على وجوب حسن سير المرافق العامة وعدم جواز تعطيلها بل ولا إعاقتها أو عرقلتها ويزداد التأكيد بالنسبة للمرافق العامة الحيوية والحساسة مثل المستشفيات وعمال الإطفاء ومسئولي الجمارك والحدود.
3- ويقصد بالمرافق العامة هي الأجهزة أو المؤسسات التي تديرها الدولة أو تعهد إلى جهة معينه بإدارتها ولكن تحت إشرافها كالمواني والمستشفيات والمطارات وقطاعات الخدمات الضرورية ولا يقصد بها المشروعات التي تقيمها الدولة بغرض الاستثمار كالمصانع.
4- ويتجه الفقه الغالب إلى أن العلاقة التي تربط الدولة بموظفيها ليست علاقة تعاقدية وإنما علاقة تنظيمية والفرق بينها يتضح من الشرح التالي:
- العلاقة التعاقدية تسمح لأي من طرفيها بوضع شروط معينة.
- العلاقة التعاقدية يمكن التفاوض فيها على الأجر وساعات العمل وأيام الإجازة.
- العلاقة التعاقدية يمكن لأي من طرفيها أي يعفي أو يتنازل عن بعض أو كل الشروط أو المستحقات لصالح الطرف الآخر.
- العلاقة التعاقدية تخضع للقواعد القانونية المنظمة لعلاقات الأفراد (القانون الخاص).
- العلاقة التعاقدية في حال الخلاف أو النزاع يتبع في إجراءات التقاضي بينهما إجراءات القانون المدني ويفصل في الخلاف بين الطرفين وفقا لقواعده.
- العلاقة التنظيمية لا يسمح بالتغيير في البنود ولا في الشروط ولا في الالتزامات الواردة بها ولا يمكن لأي من الطرفين ولا كلاهما التغيير فيها.
- وتخضع إجراءات التقاضي لإجراءات القانون الإداري وهو الذي يطبق على النزاع للفصل فيه وهو من فروع (القانون العام).
- في العلاقة التنظيمية بمجرد أن تغيير الدولة في البنود المنظمة للعلاقة بينهما وبين موظفيها تسري عليهم فورا وبدون حاجة لموافقتهم.
5- لذلك لا يجوز الإضراب عن العمل في الوزارات والهيئات الحكومية لسببين هما:
أ- أنها مرافق عامة ولا يجوز تعطيل أو إعاقة المرافق العامة.
ب- أن المسئول الإداري لا يمتلك صلاحية تغيير أو التنازل عن ما نصت عليه بنود تلك العلاقة التنظيمية التي تنظم علاقة الموظفين بالدولة.
6- ولهذا كان وضع علامة جماعية للدلالة عن تبني جماعة معينة لمطالب معينة يعتبر بديلا ناجحا وفاعلا وموفقا عن الإضراب عن العمل فهو من جهة لا يعرقل المرافق العامة ومن جهة أخرى يظهر للعلن وجود توافق جماعي على ضرورة تحقيق مطالب معينة.
7- وحينها – يفترض- أن يرفع المسئول الإداري المشكلة للحكومة التي تدرس المشكلة وتضع تصوراتها للحلول وتتخذ ما تراه مناسبا إن كان بالاستجابة للمطالب أو تحقيق بعضها أو رفضها إن كان ذلك من صلاحيتها الدستورية أو تحيل الموضوع للسلطة التشريعية لاتخاذ القرارات اللازمة بشأن المشكلة.
8- وعلى هذا فمتى التزم العاملون والموظفون بالحدود القانونية لإعلان مطالبهم لم يكن للمسئول الإداري (كالوزير مثلا) أي حق في تخويفهم وإرعابهم بغرض التأثير عليهم لكي يتخلوا عن مطالبهم.
9- ومع أن القوانين -في دولنا- غالبا ما تمنح المسئول الإداري صلاحيات شبه مطلقة لكن فقهاء الإدارة العامة يحذرون من مغبة استعمال تلك السلطات الواسعة لأنها ستؤدي إلى أن الموظف والعامل يؤدي عمله بدون مثابرة و(بدون نفس) ويقتصر على الحد الأدنى المطلوب منه تجنباً للعقاب وبذلك تغيب روح المثابرة وحب الإبداع وجهود وأفكار التطوير.
10- فينصح دائما باتباع سياسة الإقناع وسياسة الحوافز والتقيُد بالمساواة في الفرص للترقية والتدريب والتدريس ومساعدة الموظفين والعاملين على تجاوز محنهم الخاصة التي قد يمرون بها ماليا أو معنويا كتوفير أخصائي اجتماعي للموظفين كما يتم توفيره للتلاميذ لان ذلك من شأنه الارتقاء بمستويات أداء العمل وإتقانه وتطويره.
بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق