تقاعد النواب (من حيث التمويل)
عندما يطالب النواب بتقاعد لهم فان الواجب الأخلاقي – قبل غيره من الواجبات - يفرض عليهم أن يفكروا ويتدبروا مليا في الوضع الاقتصادي للدولة ويبحثوا عن مدى قدرتها على الوفاء باحتياجات شعبها الأساسية ومدي قدرتها لمضاعفة مواردها المالية من غير الضرائب وعن الإمكانيات الاستثمارية التي تتوافر لديها وعن مقدار الضمانات التي تحفظ تلك الاستثمارات وعن القدر الذي يتوجب استقطاعه احتياطاً للطوارئ أو لصندوق الأجيال القادمة وبعد هذه المقدمة التي تناولت بعضا وليس كلاً مما يجب بحثه قبل العويل و النحيب على تقاعد النواب نتعرض لبعض و ليس كل الحقائق المرة التي يتصف و يعاني منها الاقتصاد البحريني.
ماذا تمتلك البحرين من استثمارات؟؟؟
بداية فان هناك فرق بين التجارة و الاستثمار فالتجارة ليس شرطا أن تدخل أموالا جديدة للاقتصاد الوطني بل يمكن أن تكتفي بتدوير المال داخل البلد أو استبدال سلعة محلية بنقد أجنبي ...بينما الاستثمار من شأنه أن يدخل أموالا جديدة للدولة و يزيد بذلك من أرصدتها و من احتياطيها من النقد الأجنبي و العملات الصعبة
فماذا تمتلك البحرين من استثمارات بعد ملاحظة الفرق بين التجارة و الاستثمار؟ ..بالاستقصاء و التتبع يمكن تعداد الاستثمارات البحرينية (الظاهرة) كما يلي:
النفط –مصنع الألمنيوم- الحوض الجاف – الخدمات المصرفية -الخدمات السياحية- الاستثمارات الخارجية- خدمات التأمين و إعادة التأمين.
ما هو الوضع الاقتصادي لهذه الاستثمارات؟
1- النفط : من المؤسف جداً أن الثروة النفطية قليلة جداً لحد مرعب حيث أن الاعتماد الأكبر إن لم يكن الكلي هو على (حقل أبو سعفة) و هذا الحقل هو مناصفة بين البحرين و دولة أخرى شقيقة ..و كان مرتكزاً في الذهن أن تلك الدولة الشقيقة تتبرع بحصتها للحرين طبقا لفكرة التكافل و التعاون الخليجي غير أني فهمت آخراً أن فهمي خاطئ و أن كل ما في الأمر هو انه بعد تقييم الحقل و معرفة محتواه و أن به مخزون يمتد لكذا سنة فإنه تم الاتفاق على أن البحرين تستوفي حقها كاملا خلال نصف تلك المدة دون مشاركة تلك الدولة الشقيقة ثم تستوفي السعودية حقها كاملا فيما بقي من المخزون دون مشاركة البحرين و هذا يعني انه قريبا جدا سنجد أنفسنا بلا نفط و الله المستعان...عدا عن هذا فان المعروف أن من يقوم باستخراج النفط هو شركات تأخذ بين 49الى 51 من النفط المستخرج و هذا يعني إننا نحصل فعلياً على ربع الموجود في الحقل تقريباً و أضف إلى ذلك أن سعر النفط قد تهاوي إلى حوالي 45 دولار للبرميل أي حوالي ثلث قيمته منذ بضعة شهور(شفتون حظنه كيف أحليو .. يعني لدينا ربع حقل و قيمته ثلث قيمته سابقاً)
2- مصنع الألمنيوم : يقال انه من أفضل الاستثمارات و لكن ينغص عليه أن المواد الخام ليست من إنتاج و استخراج محلي
3- الحوض الجاف :كان من المؤمل أن يكون هذا المشروع رافدا قويا للاقتصاد الوطني و لكن خابت الظنون لان دولة مجاورة عملت نفس هذا المشروع مما أدى إلى تراجع أهميته
4- الخدمات المصرفية:الخدمات المصرفية يفترض أن يكون دورها الأساسي تمويل الاستثمارات الحقيقية ومساندة بعض شئون التجارة و لكن بسبب المنافسة الشديدة و الرغبة في تحقيق الأرباح السريعة و الفاحشة دخلت في الكثير من المعاملات بنحو المجازفة و نظرا لصغر رقعة البحرين عن الاستثمارات الكبيرة فقد اتجهت المصارف للاستثمار في الخارج مما أدي إلى وقوعها تحت خطرين
1-القوانين المقيدة لسحب الأموال في تلك الدول -2-و التأثر المباشر للأزمات التي تعصف بها ( أزمة الرهن العقاري)
5- الخدمات السياحية: وصف أحد الخبراء الأعداد الكبيرة للسياح في مثل دولنا بوصف ( الأقدام الثقيلة) ذلك لأنهم يستهلكون الكثير من الإمكانيات و يضغطون على الخدمات إلى الحد الذي يضر بالمواطنين في لقاء مبالغ قد لا تساوي ما استهلكوه و ضرب لذلك مثلا أن الفندق الواحد يستهلك طاقة كهربائية تكفي لحي سكني كامل – و قد تزيد- و علاوة على ذلك فهم يحتاجون إلى خدمات أمنية وصحية في كثير من الأحيان و يتسببون في مشكلات أمنية و صحية ولك أن تلاحظ عدد حوادث السرعة و حوادث السكر أثناء القيادة التي يتسبب بها أجانب و يذهب ضحيتها مواطنون و يقع على المجتمع و الدولة تكاليف العلاج و عبء تربية و أعالة عوائل الضحايا..عدا عن ذلك فمعظم الخدمات السياحية مملوك لأفراد و ليس مملوكا للدولة مما يعني أن خيرها خاص و شرها عام ..و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
و كلٌ من الخدمات السياحية و الخدمات المصرفية يتطلب وضعا أمنيا هادئا و قوانين ميسرة و متسامحة و العديد من الإجراءات لتشجيع تلك الخدمات للقدوم للبحرين مما يجعل البلد أسيرة لاشتراطاتهم و متطلباتهم
6- الاستثمارات الخارجية: بسبب عدم إمكانية إقامة مشاريع ضخمة من حيث القدرات و من حيث الجدوى و (ربما لأسباب أخرى ) يتم استثمار العوائد النفطية و الأموال في الأسواق العالمية ..و لله الحمد فقد خسرنا الكثير من تلك ألأموال في استثماراتنا في الخارج تبعا لازمة الرهن العقاري .. كمثال
7- خدمات التأمين و إعادة التأمين: لا أدي هل هذه الخدمة تجارة أو استثمارا فبحسب الأصل أنشئت هذه الخدمة لتقليل المخاطر المحدقة بالتجارة و الاستثمار لكي يتشجع التاجر و المستثمر على مزاولة التجارة و الاستثمار.. و حتى لا تفلس شركات التأمين سٌنت قوانين تحدد الحد الأعلى للضمان و ذلك لكي تستمر المشاريع التجارية و الاستثمارية و تستمر شركات التأمين في أعمالها كجهة ضامنة للخسائر و لكنها بعد ذلك دخلت في متاهات التجارة و ألاعيبها بصورة مباشرة فصارت هي بنفسها بحاجة للتأمين على أنشطتها للحماية من المخاطر التجارية و هكذا تسلسل التأمين و إعادة التأمين و أدى ذلك لإفلاس شركات التأمين في بعض الدول فلم يبق ما تدفعه لصالح المؤمنين و حيث أننا دخلنا هذه السوق بصورة أو صور متعددة فما حاق بهم من خسائر لسنا بمنأى عنها,,,
من هذا كله نرى أن البحرين فقيرة و أسيرة ... فقيرة من حيث الموارد و أسيرة للمتطلبات و الاشتراطات التي تتطلبها المصارف و السياحة
إذا فمن أين سيتم تمويل التقاعد في حال إقراره؟؟؟؟؟
أهم المرشحين لهذا التمويل هو الهيئة العامة لصندوق التقاعد و التأمينات الاجتماعية (في هيئتهما المشتركة) و يضاف إليها مقدار من الضرائب الجديدة كـ (1%) حيث أن بها فائض كبير و كذلك ال( 10 دينار عن كل عامل أجنبي) حيث أن هذه الضريبة لن يتعدى مفعولها استحصال ضرائب جديدة إلى تحسين وضع العامل البحريني و يمكن توجيه جزء من عوائد هذه الضريبة لمشروع تقاعد النواب على أن تساهم الحكومة بجزء معين من تمويله ( أي من ميزانية الشعب و على حساب تمويل المشاريع الأخرى كالصحة و التعليم و الإسكان)
و في الحقيقة فان كل نائب خائف على مصيره بإمكانه أن يؤمن على نفسه بصورة فردية و طبعا من أمواله الشخصية خصوصا انه لا يستقطع من راتبة لا للتأمين و لا 1% لإعانة التعطل و لا غيرها بل يأخذه صافياً مصفى!!!
س / ألا يكفي أن النواب يتقاضون مبلغ ألف و سبعمائة و خمسين دينار زيادة عن ما تقرر لهم بموجب القانون ؟
س /ألا يكفي ما قد تقرر لكل نائب خمسة موظفين تدفع رواتبهم الدولة؟
س / ألا يكفي ما قد زاد راتب الأعضاء البلدين بمقدار خمسمائة دينار لكل عضو و الرئيس وصل راتبه إلى ألفي دينار و له كذلك 300دينار علاوة مواصلات؟
س /ألا يكفي أن لكل عضو بلدي مبلغ 10 ألاف دينار كل سنة لأنشطته التي قد يعملها و قد لا يعملها أو قد يعملها بتمويل التجارو الدعايات و مساهمات الصناديق الخيرية و المحافظات؟
فهذا بعضا من كل لنفتح أعييننا على النزيف الذي ينزف من خزانة الدولة و نتبصر لنرى ثقل الضرائب و الرسوم التي تكسر ظهور المواطنين المستضعفين و بعد هذا كله يأتيك أولئك النواب ليطالبوك بالتقاعد و يندبون حظهم و كأنهم لا يعلمون بما لهم و ما عليهم و كأَن هناك من ضرب على أيديهم و أجبرهم ليكونوا نوابا ..و في النهاية لا نقول إلا (سبحان الله)لأنها لكل أمر عجيب
23نوفمبر2008م
بقلــــــــــــم
المحامي الشيخ/ عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق