الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

وهكذا.. أخطأت وزارة العدل

وهكذا.. أخطأت وزارة العدل
1- بنحو مفاجئ قرر مسئول بوزارة العدل والشئون الإسلامية أن الانتخابات التي جرت في أحد المأتم لانتخاب مجلس إدارة جمعية سياسية هي انتخابات مخالفة للقانون وذلك استناداً إلى قانون الجمعيات السياسية الذي يحظر استخدام دور العبادة لنشاطات الجمعيات السياسية.

2- ولقد طالبهم بإعادة الانتخابات وإلا سيواجهون احتمال مقاضاتهم أو حجب الدعم المالي عنهم كعقوبة إدارية أو بالأصح عقوبة رقابية لا إدارية ولا وصائية – طبقا للفقه القانوني الصحيح حيث أن الوصاية لا تكون إلا على قاصر حقيقة أو اعتبارا وليست الجمعية تابعة للوزارة ليصح القول بالعقوبة الإدارية.. وهذا القرار والتصريحات اللاحقة له أثارت استغراب الكثيرين حيث أن الوزارة المذكورة هي- بنحو عام- أكثر الوزارات السيادية قربا وودا وأكثر تأنيا وتفكيراً وتسامحا وتفاهما مع المواطنين.

3- ومن الواضح لدينا كمختصين في الشريعة الإسلامية وفي الفقه الجعفري بنحو خاص أن المأتم ليس دار عبادة فلا احد من فقهائنا يقول بذلك فنحن نسلِم بالمقدمة المنطقية الكبرى وهي (كل دار عبادة لا يجوز استخدامها لنشاط سياسي) ولكن لا نوافق على المقدمة الصغرى وهي (وأن المأتم هو دار عبادة).. فلو وافقناه على ذلك لكانت النتيجة هي (إذاً فإن المأتم لا يجوز استخدامه لنشاط سياسي) وحيث أننا لم نوافقه - وهذا من حقنا بصفتنا أهل اختصاص- فتنتفي القضية حيث أن المقدمة الصغرى تكون (وحيث أن المأتم ليس بدار عبادة) فالنتيجة تكون (إذا يجوز استخدامه لنشاط سياسي)

4- ومع ذلك فيستحسن التوضيح لان المأتم ليس مجرد قاعة ثقافية اجتماعية بل هو كذلك مؤسسة دينية مما يضفي عليه قدرا ما من القداسة والاحترام.

5- لكن ذلك لا يعني انه يوضع في مصاف دور العبادة كالمساجد والكنائس ونحوها فهناك فرق كبير بينهما ومن ثم فهو لا تنطبق عليه أحكام المسجدية كحرمة بقاء الجنب فيه ووجوب تطهير النجاسة فورا عنه وعدم جواز دخول غير المسلمين فيه.

6- وعلى صعيد آخر فان قانون الجمعيات ليس مفصلا بنحو واضح بالقدر اللازم لشرح كل مسألة بل ينطوي على قدرٍ من الإجمال والغموض مما يتيح المجال للفقه القانوني ليبدي رأيه الذي له حظ من الاعتبار.

7- فلم يذكر في القانون المذكور لائحة جزاءات مفصلة وواضحة ليمكن تطبيقها على المخالفات المحتملة عدا القدر القليل والذي لا يختلف اثنان في انه يمثل مخالفة.

8- وعند التحقيق العلمي لإجراء الانتخابات في دار عبادة- نقول ذلك افتراضا لشرح الدفع القانوني الآخر- فان المخالفة تصب على عنوان المخالفة وليس على مضمون الفعالية فذات العملية الانتخابية لم يشبها بطلان لأنها تمت بالشكل القانوني المطلوب من إعلان وسرية وصناديق اقتراع ورضا وعدم اعتراض من المرشحين والناخبين.. وبتعبير آخر فان مكان الانتخاب ليس جزأ من ماهية الانتخاب.. وكدليل مؤيد لما نقول هو ما سمي بالتصويت الالكتروني الذي أُريد العمل به في انتخابات 2006م فلو كان مكان الانتخاب جزأ من ماهية الانتخاب لما صحت تلك الفكرة لأنها ناقصة لأحد عناصرها (وهو مكان الانتخاب والتصويت).. ومن المعلوم أن عدم الموافقة عليها إنما كان للتخوف من التلاعب بنتيجة التصويت وليس لسبب آخر.

9- لذلك فلو أرادت تلك الجمعية الانصياع لقرار ذلك المسئول – ولو تحت الضغوط – فإنه يتوجب أن تستقيل إدارتها الجديدة المنتخبة ليمكن الدعوة لإجراء انتخابات جديدة وإلا أصبحوا في مشكلة قانونية لان الإدارة المنتخبة قانونية ولا يمكن انتخاب إدارة مع وجود إدارة سارية الصلاحية وسيمكن لأعضاء الإدارة المنتخبة الطعن على الانتخابات اللاحقة بالبطلان.

10- لذلك فمع علاقتنا الطيبة من المسئولين في الوزارة ومع ما يربطنا بهم من مودة وتواصل فلا يمنع ذلك من أن نقول لهم: (قد أخطأتم)!!

بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com





ليست هناك تعليقات: