الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

السواحل من حيث القانون


السواحل من حيث القانون
بضع دقائق كانت كافية لتعكير مزاجي و من ثم أغلقت التلفزيون الذي كان يبث حوار مع عضو بلدي و آخر برلماني من لجنة التحقيق في تجاوزات الدفان و السواحل فمن جهة بدا من سياق كلام المتحاورين -أو ربما تصريح بعضهم -بان الساحل هو ماء البحر الملاصق لليابسة و هو خطأ فادح حيث أن الساحل هو الشريط من اليابسة الملاصق لماء البحر.
فكيف تحقق في تجاوزات تتعلق بالساحل و أنت لا تعرف ما هو الساحل و لا أين يقع..فيا سبحان الله و من جهة ثانية أُشير في الحوار إلى أن السواحل هي ملكية عامة بمعنى أنها ملك للدولة و للحكومة أن تتصرف فيها كما تشاء ببيع أو هبة أو تأجير راو غيرها .. و هذا اكبر من سابقه فالملكية العامة لا يمكن التصرف فيها على النحو المذكور.
و من جهة أخرى انشغل بعض أطراف الحوار بتبرير التصرف في السواحل لا بنقد التفريط فيها و لا ادري لماذا شكلت لجنة التحقيق مادامت قناعتهم كذلك و لفت نظري قول النائب عضو لجنة التحقيق المذكورة ( انه سأل وزير العدل سؤالا يتعلق بالسواحل فأجابه الوزير انه لن يجيبه إلا بعد رسالة من رئيس مجلس النواب )فلما سمع النائب الجواب أذعن و أناب... و هو أمر غريب حيث أن لجنة التحقيق من أقوى الأدوات النيابية الرقابية و لها صلاحيات واسعة و يجب الإجابة على أسئلتها مباشرة فهي ليست كأداة السؤال الذي يحال إلى هيئة المكتب ثم يبت في مصيره هناك فإذا تم إقراره يحال إلى الوزير المختص ليجيب عليه .
و بعد هذا العرض نأتي للحديث عن السواحل من الناحية القانونية
فالسواحل تصنف على أنها من أملاك الدولة العامة و تسمى ( الدومين العام) و يحكمها القانون العام الذي ينص على أنه لا يجوز بيعها و لا التصرف فيها و لا يمكن تملكها بوضع اليد و لا التقادم و حالها في ذلك كحال الطرق العامة و الموانئ و المطارات و الحدائق العامة و الأصل أن انتفاع المواطنين بها يكون بالمجان و ان كان يجوز للدولة أن تفرض رسوم رمزية للانتفاع بها و ذلك بغرض استخدام الرسوم في صيانتها مثلا و لا يعتبر ما تحصله الدولة من رسوم إيرادا من إيرادات خزانة الدولة
من الناحية السياسية :
تعتبر السواحل مظهر من مظاهر بداية السيادة الفعلية على الإقليم البري للدولة فالدولة تكون لها سيادة فنية على الإقليم المائي و لكن الساحل هو مظهر لممارسة الدولة لسيادتها بنحو صريح و واضح و هو من أخطر أنواع الممارسة السيادية فعن طريق ممارسة السيادة هذه تتحكم الدولة فيما يدخل و ما يخرج لإقليم الدولة البري و الذي هو محل السيادة الحقيقة حيث بها الشعب و الحكومة و أغلب الممتلكات و فيه تمارس معظم الأنشطة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية
من الناحية الأمنية:
تعتبر السواحل إحدى النقاط الأمنية الهامة للدولة و وقوعها تحت سيطرة الدولة مباشرة و خلوها من أي إنشاءات أو أملاك خاصة يعتبر أمرا حيويا حيث يكون الساحل عبارة عن ارض خالية مكشوفة يسهل مراقبتها و التحرك فيها و ذلك لضبط عمليات التهريب أو التسلل أو أي عمليات غير قانونية تكون من البر إلى البحر أو من البحر إلى البر
و من الناحية الشرعية:
ما ذكرناه أعلاه أشارت إليه الشريعة الإسلامية حين نصت على أن رؤؤس الجبال و بطون الأودية و أسياف البحار تكون للإمام ( الحاكم الشرعي) و هو قد يكون خليفة أو ملكا أو رئيسا ..و الملكية هنا ليست ملكية لشخصه و إنما لمنصبه و ذلك لكي يراعي الاحتياجات المهمة للدولة الإسلامية فرؤؤس الجبال نقاط إستراتيجية مهمة للرصد و المراقبة و من يسيطر عليها يسيطر على ما تحتها و بطون الأودية لما تنحصر ملكيتها للدولة فلن يكون بها إنشاءات تعيق انسياب المياه مثلا و لن تكون هناك مساكن تتعرض للغرق بمن فيها عند حدوث سيول و أما أسياف البحر فقد ذكرنا الحكمة من ذلك فيها
ولذلك :في التوصيات
1- يجب أن يكون الشريط من اليابسة الذي يسمى ساحلا خاليا من أي أملاك خاصة وان يكون بمساحة أقدرها لا تقل عن كيلو متر واحد على طول الساحل
2- لا يجزي خلق ممرات تخترق الأملاك الخاصة إلي البحر فهذا لا يحقق إلا غاية واحدة متمثلة في وصول الصيادين لمصدر رزقهم فقط
3- و لا مانع من أن تمنح الدولة حقوق امتياز لبعض المشروعات الاقتصادية التي تدر على الدولة دخلا و تساهم في توظيف المواطنين و لكن لمدة زمنية محددة قابلة للتجديد و في مناطق ( بؤر) ساحلية محدودة و قليلة
4- و أن يمنع تمليك أي قطعة ارض ساحلية لأي كان وتصحيح الوضع الحالي عن طريق استملاك الأراضي الساحلية المملوكة نظير تعويض عادل
5- و نحن لم نتكلم عن الوظيفة الاقتصادية و الاجتماعية للسواحل بوصفها طريقة وصول فئة من المجتمع لمصدر رزقهم ( صيد السمك) و توفير غذاء مهم استراتيجي للمواطنين و لم نتكلم عن السواحل بوصفها بيئة طبيعية نظيفة(بحسب الفرض) للمشي و الاستجمام و النزهات العائلية و الترفيهية ..فهذا الجوانب يجب الاهتمام بها و مراعتها
بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: