الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

حوار غير منطوق

حوار غير منطوق
حطت بنا الطائرة ظهرا أو قبيل الظهر في مطار النزهة بالإسكندرية و من ثم استأجرنا تاكسي ليوصلنا إلى احد الفنادق الرخيصة لنضع أمتعتنا و نستريح و بعدها نبحث عن شقة لإقامتنا الطويلة (حوالي شهرين )والفندق شكله جميل من الخارج وكذلك الجزء الظاهر للجمهور لكن خدماته الله لا يراويكم فالحجرة ما لم تكن مكيفة ولا كانت فيه مروحة ففتحنا النافذة لكنه يطل على شارع مزدحم على الدوام وأصوات الهرنات- أبواق السيارت- ما شاء الله عليها و الحر الخ المهم أنا ما عندي مزاج حق المشاوط و لا للهدرة مع السماسرة الذين هم و السياسيين اقدر المخلوقات على الكذب و على تكبير أو تصغير الأمور فكنت أبسط في الفندق و اترك لغيري مهمة البحث وفق الضوابط والمعايير المتفق عليها سلفا اذ تنص المعاهدة الموقعة في مجلسي و التي وافق عليها جميع الأطراف ذوي العلاقة ( يعني جميع اللي بيسكنون معي في الشقة و يصحبوني طوال فترة السفر-على وجوب توافر اشتراطات معينة في المقر الذي سنستقر فيه طول فترة السفر ومنها مثلا أن تكون شقة معقولة من حيث المستوى بها مكيفين على الأقل وان تكون دورة المياه بها نظيفة و وسائل الطهارة موجودة ومحرزة و أن يكون بها مكان يصلح كمضمار للمشي لأني لا اقدر احفظ و لا أراجع إلا ماشيا فامشي في الشقة ذهابا و إيابا كل يوم وأنا ادرس حوالي 12 ساعة أو أكثر وطبعا هناك ضوابط تحدد مجال تصرف أي طرف في الشقة و تحدد آلية اتخاذ القرارات و ضوابط الصرف المالي وكيفية تحصيل المال اللازم للصرف وتحدد من المسئول عن المشتريات و من المكلف بشئون الاستئجار والتفاوض مع السماسرة أو الملاك و تنص أيضا على عدم الهدرة أيام الامتحانات و أن لا يعطى مجال لتبادل الزيارات و البسطات أيام الامتحانات و عدم فتح التلفزيون بمعنى آخر أن هناك التزام بتوفير الأجواء الدراسية والالتزام الجدي بالدراسة و ليس مجرد المساكنة مع بعضنا البعض لان السلوك له طابع العدوى فمتى حدث سلوك غير جيد فانه ينتقل للبقية كما انه من المحرمات دخول النساء تحت أي عنوان و الاستثناء الوحيد هو أن قبلنا بعجوز فوق الخميس-جدة- أن تأتي وتطبخ وتنظف المطبخ وتمشي لأكن لم اسمح لها بدخول غرفتي مطلقا المهم زميلي بعد يومين من البحث و اتكسر الرجايل من الرواح والمجيء حصل شقة بالمواصفات المطلوبة و التي تقبل مواصفاتها بالإجماع و لكن إيجارها غالي وااجد و لكن بما انه أعجب بها و تفاءل باسم العمارة ( الفتح) فانه حاول الاستئجار لكن مالك الشقة لما رأى حماستة و رغبته الشديدة في الشقة طمع و صار نحيس و كل حين يزيد او تقوم زوحجتة بالزيادة عليه في مبلغ الإيجار إلى وصل زميلي لحد أن أنقهر و طفش و حلف أن ما يأخذها و لو بنصف قيمتها و كان أن وفقنا الله لشقة أخرى و جميلة و مطابقة للمواصفات التي سبق إقرارها و ذات يوم قعد صاحبي من النوم و وجهه منتفخ و صوته كأنه جرار زارعي و شعر رأسه صاير مثل الكتل في البرلمان كل مجموعة في صوب و قال لي شيخ ؟ قلت:هاااه و يش عندك من صباح الله خير.. قال حلمت أن زوجة مالك الشقة السابقة تقول لي جاءنا أمر من المحكمة الدستورية بان لا نؤجر الشقة هذا العام ( لان من كثر ما يدرس في القانون صارت أحلامه قانونية)..فأكيد يا شيخ ما راح يؤجرونه و بيخسرون لانهم ناحسو معنا و أنا ضربتهم بعيوني و هذه حوبتي و بالفعل رحت أشوف الشقة فلم أجد عليها اثر الاستخدام و سألت بواب العمارة فعلمت أنها لم تستأجر و أن صاحب الشقة يسأل البواب ( الم يأت الشباب اللذين طلبوا الشقة من قبل ؟؟ يعني متحسر لكن يستأهل لان صار طماع فكان لسان حاله يقول يا شباب تعالوا استأجروا و أنا مستعد أراعيكم في الإيجار و لكن هيهات فقد فات الفوت و الفرصة ابتعدت عنه فأصبح من النادمين ومن هذه السالفة اقفز للقهقرى للزمن البعيد أي من حوالي 18 سنه حينا كان احد جيراننا و في مقام أخونا وهو فقير مسكين وحالته المادية ضعيفة ويسكن في بيت متواضع جدا جدا فأراد الزواج فخطب فتاة عن طريق احد المشايخ الذين يعملون على تبسيط أمور الزواج أي أنها قابلة و راضية بأي زوج حتى و لو كان فقيرا طالما انه مؤمن و لديه عمل و حسن السيرة المهم صاحبنا تقدم لخطبتها فوافقوا واتفقوا على المهر و الطايح (مصاريف إقامة احتفالات الزواج) و كذلك وسوس لها قريناتها بان الكوافيرة الفلانية إتسوي الشعر روعة فقط بكذا دينار و وو الخ يعني أربعين دينار مني و ستين مناك و هكذا و قد تحمل صاحبنا ذلك وصار يزورهم في بيتهم باستمرار و يأخذ أباها إلي حيث يريد كما لو كان قد تزوجها فعلا و الحال على ما يرام إلى أن اخبرها بان لديه في بيتهم حجرتين و لكنه أيضا سوف يبني فوق السطح غرفة إضافية للمزيد من التوسعة و إذا بها و أهلها يقولون بل ابن شقة كاملة بمطبخ وحمام الخ فقال لهم إن بيتنا صغير و تعبان لا يمكن بناء شقة فوقه فقالوا إذا لا يمكن فاخرج من البيت و انتقل إلى شقة قال لا أستطيع ماديا ولو استطعت فلا يمكنني أن اترك البيت و أمي إمرائة عجوز مريضة تحتاج للمساعدة للذهاب للحمام و إلى من يطعمها و يخدمها .. و إذا بهم يرجعون عليه ما أخذوه منه و يبدون له رفضهم له و هذا من طريق و هذا من طريق فحزن الرجل و واسيناه وبادر بعضنا ليخطب له (بدل فاقد) و بالفعل تم التوفيق و عقد القران و نظرا لأنه يتيم و لم يكن أحدا من أهله حاضرا احتفال زفافه فإننا وزعنا العمل بيننا فانا وقفت على باب المأتم ( ماتم حجي عباس هذا قبل لا يختلفون في المأتم – وقفت استقبل المهنئين بدل عن أبوه لان أبوه متوفى و أخي كان في بيتهم يضع و يثبت الزل أي السجاد لأنه اشتراه من الإمارات و وصل يوم الزفاف و بعض الإخوة قام بقراءة المولد و البقية قاموا بخدمة الضيوف و تقديم العصير و القهوة و المكسرات إلى أن انقضى الزفاف على ما يرام و طلع صاحبنه يجيد التنشين يعني يجيد الرماية و لا تضيع عنده البوصلة فما انتهت التسعة اشهر إلا وقد رزق بمولودة تلاها ولد وهكذا حتى أصبح لديه عدد من الذكور و الإناث أما الفتاة التي فسخت خطوبتها منه فلم توفق للزواج ومضت السنون تباعا و صار ولده من القوة و البسطة في الجسم بحيث يكاد يرقع الحد الأعلى الباب و شاءت الأقدار أن تعمل تلك الفتاة في مستشفى السلمانية فكان هو وزوجته وأولاده يرونها دوما كلما ذهبوا للمستشفى وهي كلما رأتهم تحسرت و تأسفت وتأثرت بنحو يظهر على ملامح وجهها بحيث يكاد وجهها يقول واأسفاه و يا للقهر و يا للحسرة لو كنت تزوجته لكان هؤلاء الأولاد لي ..فولده ألان يقارب 18 سنة و تلك الفتاة أصبحت قرابة الأربعين أو زادت و لم تتزوج فهي بنفسها فوتت على نفسها الفرصة .. وفي حوالي الخمسينات من القرن العشرين حين قررت الحكومة دفن الآبار المنزلية واستبدالها بتمديدات مائية كما هو حاصل الآن طلعوا الناس مظاهرة( الاول ما في الامظاهرات ومفهوم الاعتصامات غير موجود) يحتجون هاتفين ( الله لا يقوله نفقد الزيلة ) يعنى الدلو الذي يغترف الماء من البئر بواسطته وهو كناية عن عدم رضاهم بتبديل البئر بالمياه التي تصل عبر الأنابيب و لكن البعض قبلوا ووصلت المياه إلى بيوتهم فلما رأى الآخرون كيف أن المياه تتدفق من الأنابيب بنظافة وبدون تعب و بنح متواصل قاموا يدفعون بخاشيش ( بقشيش) للعاملين في مشروع توصيل المياه لكي يوصلونه إلى بيوتهم مع العلم أن التوصيل كان من قبل الحكومة مجانا .. فمن ما مضى جميعا نصل للقول انه متى وافتك الفرصة فاغتنمها و متى جاءك رزق لا ترده فهو عطية من عند الله و لقد قال سبحانه ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) و ليس من الشكر أن ترد على الله عطيته فإن لم تفعل لتكونن من النادمين

بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: