
الحفرة الوطنية
بسبب كثرة السقوط في تلك الحفرة التي في البلدة وبسبب شدة الأصابات الناجمة عن السقوط وبسبب كثرة الوفيات لأنه المستشفى بعيد جدا عن البلدة وبسبب ان قدوم سيارات الإسعاف الى مكان الحفرة حيث الإصابات ثم نقل المصابين الى المستشفى يأخذ وقتا طويلا بسبب طول الطريق والأزدحام الشديد وكثرة الإشارات الضوئية ( كأنه عرس صايرمصابيح حمراء-خضراء-صفراء ) بسبب ذلك كله عقد اجتماع عام للأهالي والجهات الرسمية للتداول حول هذه الكارثة العظمى والمصيبة الكبرى – بغية التوصل الى الحل الأمثل حتى لو استلزم الامر اعلانها منطقة كوارث او منطقة عسكرية مغلقة او اعلان مساحة كذا من الكيلو مترات حول الحفرة انها خاضعة لقوانين السلامة الوطنية
وفي موعد الاجتماع المحدد حضر الناس من كل فج عميق رجالا و ركبانا وزحفا على الاقدام وبواسطة الكراسي المتحركة فهذه قضية وطنية يجب على جميع من له شعور وطن المشاركة في حلها كما حضره رجال الصحافة واقلام الفصاحة وتجار السياسة و اهل الفن و الكياسة فهذهاحدى الفرص لقنص الغنائم وتبادل الاتهامات والشتائم وأدلى الكل بدلوه وجرجر الكلام في حنجرته وانتفختالرؤس من الهريج و المريج ولكن زبدة القول وصفوت الكلام وخلاصة الخلاصة عنده ثلاثة من الحاضرين وهم من بيده اتخاذ القرار الأول عضو المجلس البلدي ممثل البلدة ...تقدم الى منصة الخطاب بخطوات مصطنعة وتعمد اظهار قسمات الثقة على ملامح وجهه مع الايحاء بان كل من سبقه بالكلام خروف لايفهم وبعد حياالجماهيرو اعلن ان سيسخر جهوده من اجل المجتمع وأن لولا واجب الدفاع عن مصالح المواطن المقهور لما تقدم وترشح للمجلس البلدي وبعد هذا التقديم الذي اجاب عليه الجمهور بالتصفيق قال : الحل بسيط ليس هناك مشكلة والمجلس البلدي واعضاءه في خدمتكم الحل يتمثل يا أيها المواطنون الأوفياء—في مواظبة مستمرة لسيارة الأسعاف جنب الحفرة أي اننا نعمل موقف خاص لسيارة الأسعاف ونخصص موظفين للمواظبة عليها ليل نهار وبمجرد ان يسقط احد في الحفرة يقوم رجال الاسعاف بإخراجه ونقله للمستشفى وبذلك نوفر نصف الوقت ونصف البنزين ونحصل على ضعف الفرصة التي كنا نحصل عليها الأن بسبب تقصير وقت النقل للمستشفى الى النصف والمجلس البلدي اذ يبدي اهتمامه بهذه المشكلة واذا هو يهيب بالمواطنين ان يصبروا على المكاره يتعهد بمراسلة الجهات الرسمية من اجل اعتماد الحل المذكور ومن اجل تخصيص السيارة و المسعفين واعتماد الاموال اللازمة لذلك فتضاعف التصفيق وعاد للجلوس في مجلسه بكل فخر واعتداد ... ثم قام العضو النيابي ممثل البلدة وتقدم الى المنصة مع كم شاب يمشون امامه كانهم افراد حماية و يبعدون الناس عن الاقتراب منه علشان لا احد يعطية رسالة او يساله احد عن وعوده البخارية الى ان استوى على المنصة .. و بدلا من الدخول مباشرة في صلب الموضوع استغل الوضع ليجمل صورته و يدعي بطولات ورقية و يؤكد للحاضرين ان احسن و اصوب قرار اتخذوه في حياتهم هو انتخابهم له لعضوية مجلس النواب و ان كتلته ( كتلة المغلسين بماء السماء) ليس كمثلها شيء ..ثم قال انه قد تعهد على نفسه ان يسهر على حل مشاكل المواطنين و اقسم ان يذوذ عن مصالحه و حرصا منه على ان يكون نائبا لكل الشعب بكافة اطيافه و مكوناته فانه اقسم على جميع الكتب المقدسة من قران و انجيل و زبور و توراة بل حتى كتاب (البونيان) اقسم عليه ( علشان يجسد التمثيل لكل المواطنين) و اما ما يتعلق بهذه المشكلة فانه قد اجتهد فيها و اخذت منه مجهودا فكريا كبيرا و شغلت وقته طوال الاشهر الماضية و قد قام بتدارسها مع( مكتب الاسناد و الدعم والتلقين و التقويم ) الذي يتعامل معه لبلورة الافكار و تنقيح الحلول و الان فالبشارة البشارة لقد تضافرت الجهود و تناسقت الافكار و تم التوصل الى الحل الاكيد الامثل و هو يتمثل في حل افضل من الذي توصل اليه الزميل العزيز الموقر عضو المجلس البلدي, فالحل الذي طرحه السيد عضو المجلس البلدي لا يحل المشكلة بصورة جذرية و لا يغطي جميع جوانبها اما الحل الذي يقدمه هو فهو بمثابة منحة إلهية ربانية او لطف او فيض رباني نزل عليه فتحمس جميع الحاضرين لسماع ذلك الحل السحري العجيب ..فاذا به يقول لقد تقدمت (باقتراح برغبة ملحة )الى المجلس النيابي الموقر ليرفعه للسلطة الرشيدة من اجل هدم المستشفى و اعادة بناءه عند الحفرة و عليه فبمجرد ان يسقط احد المواطنين في الحفرة يتم اخراجه فورا منها و ادخاله الى المستشفى في زمن قياسي لا يتعدى دقائق و نكون بهذا حافظنا على ارواح المواطنين الاعزاء و اوفينا بتعهدنا بتوفير العلاج السريع و العناية الفعالة لهم فنحن حريصون على حياة كل مواطن لان كل مواطن هو صوت انتخابي او سوط انتخابي على حسب موقعك في قلبه و نحن سنكون الام الحانية على اولادها فنحن ما وصلنا الى هذا المنصب الا بجهودكم و على اكتافكم فنحن صوتكم المسموع و نحن سنستقيل من مناصبنا ان لم نوفق للقيام بخدمتكم خير و ازكى و انمى و افضل و احسن قيام ..و انهى خطابه وسط التهليل و التكبير ... بل ان البعض حمل صوره و قام يرقص بها و يدور مثل ( الدوامة) و قام الجمهور بترديد اسمه مقرونا بالدعوة له بالاستمرار في منصبة و ان يرثه في المنصب ابنه من بعده و طال التصفير و التصفيق ( الى ان مصخت السالفة) و اذا برئيس السلطة الادارية يتقدم مسرعا الى المنصة ضاربا عليه بيده طالبا من الجميع السكوت والانصات لما يقول :فبهت الجميع وساد الهدوء والكثيرمنهم خاف ان يأمر بأعتقال جماعي لهم بتهمة التجمهر او تهمة استخراج مكبرات الصوت او تهمة استعمال مكان عام في اغراض ترويجية ولما ساد الكون قال في جمل بطيئة وبنبرات قوية وبلهجة حاسمة ان كل ما سمعه هو كلام فاضي هي افكار بايخة هو تضييع للمال العام هو اثقال كاهل السلطة بأعباء لا داعي لها – هل لدينا مشكلة ؟ سأل نفسه ثم اجاب نعم – لدينا مشكلة.. إذن هل لدينا الحل ؟؟سأل نفسه ثم أجاب نعم لدينا الحل ولكن ماهو الحل؟؟ ( هو يسأل وهو يجب) الحل يجب ان يكون بأقل تكلفة واسرع وقت واقل مجهود واحسن كفاءة وأداء وعليه فالحل هو ان ( ندفن هذه الحفرة ثم نحفرها بجوار المستشفى ) فمن سقط فيها يتم اسعافه فورا.
*******************************
هذا السرد السابق ستجدون يطبق بصورة أو بأخرى على كثيرا من المشاكل والحوادث فتأملو... يرحمكم الله.
بقـــلم:
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق