الأحد، 14 ديسمبر 2008

مشكلة العنوسة

تحقيق: نوال عباس

 تشير الدراسات إلى وجود 15 مليون عانس في العالم العربي، أكثرهن من المثقفات وحملة الشهادات العليا، منهن 50 ألف عانس في البحرين، ولعل أهم أسباب انتشار العنوسة في الخليج العربي هو غياب الاختلاط بسبب العادات والتقاليد وارتفاع المهور والرغبة في التعليم. وقد أكد الشيخ صالح بن فوزان في احدى فتاواه أنه من العوامل التي تسهم في القضاء على العنوسة تعدد الزوجات، فالمرأة حين تتزوج من رجل يقوم بكفالتها ويصونها وتنجب منه ذرية صالحة، ولو كانت رابعة أربع، فهذا أفضل من كونها تبقى إما محرومة من مصالح الزواج وإما معرضة للفتنة، وهذا من أعظم الحكم في مشروعية تعدد الزوجات، وهو في صالح المرأة أكثر منه في صالح الرجل، ويضيف أنه إن كانت المرأة تجد مشقة في معايشة الضرة، فإن ذلك يقابله ما تحصل عليه من المصالح الراجحة في الزواج، وهو يقارن بين المصالح والمفاسد والمنافع والمضار، ويعتبر الراجح منها، ويرى ان مصالح الزواج أرجح من المضار المترتبة على التعدد إن وجدت. من خلال تحقيق لـ "أخبار الخليج" حول هذه الفتوى أكد بعض علماء الدين أن التعدد يكون حلا للعنوسة إذا توافرت له فرص النجاح، وطالبوا بأن يكون هناك توعية إعلامية للقضاء على النظرة السيئة للزوجة الثانية، وأشاروا إلى ان أهم أسباب انتشار العنوسة هو الغلاء المعيشي وتدني الحياة الاقتصادية، وطالب الاجتماعيون بوضع تسهيلات للشباب للزواج بالإضافة إلى إيجاد دور للعوانس لحل مشاكلهن. بينما أوضح بعض الشباب أن تعدد الزوجات يكون حلا للعنوسة، بينما أبدت الفتيات عدم ممانعتهن أن يتزوجن على ضرة لأنه أفضل لهن من الحياة من دون شريك على حد قولهن. التحقيق التالي يناقش هذه القضية الشائكة مع عدة أطراف: المحامي عبدالهادي خمدن أكد أن المواجهات التاريخية للجانب الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في العصر الأول للإسلام تقوم على نظام العبيد وكان النظام الاجتماعي يقوم على زيادة عدد الأولاد، فكلما زادوا ازدادت وجاهة الشخص وكان ذلك يقوم على تعدد الزوجات، وقد كانوا يتزوجون من 10 إلى 20 زوجة ولم يكن هناك سقف لتعدد الزوجات، وجاء الإسلام لمواجهة هذه المخاطر منها نظام العبيد ووضع أوجها للتقليل منه مثل استحباب الفدية، والكفارة للحد من العبيد، وتحديد تعدد الزوجات بأربع فقط. البواعث والنتيجة ولكن السؤال المطروح هو: هل تعدد الزوجات هو الأصل أو تفريد الزوجة؟ أو السير على سياسة الأنكحة، "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"؟ ويبدو من الآية أن التعدد هو الأصل وفي المذهب الشيعي تعدد الزوجات مستحب، أما المذهب السني فيعتبر التعدد رخصة. وأضاف خمدن: يجب أن نعرف البواعث والنتيجة فقد تكون علاقة عارضة ورغبة الزوج في التعدد لأن زوجته لا تنجب أو مريضة، ولكن النتيجة الحتمية هي أن عدد النساء اللاتي يبقين من دون زواج سيكون أقل والبواعث لا تذكر فيما يتعلق بالزواج الثاني حرصا على القضاء على العنوسة. ولكن بالنسبة إلى باعث حاجة الزواج وتعدد الزواج للحد من العنوسة ضئيل، والنتيجة تقل نسبة النساء العوانس غالبا ما لم يكن دائما تعدد الزوجات نتيجته زيادة نسبة المواليد ومنها ندخل في دوامة تعدد الأولاد. وتعدد النساء مستحب شرعا والزواج بدافع الاستحباب قليل لأن التعدد لم يكن أسلوب حياة وتطغى وظيفة المرأة العاملة على ربة البيت، لذلك نجد أن الزوجة الأولى لا تقبل الفكرة وهذا طبيعي وغريزي لا يتوافق مع الفكر العقلي والمنطقي، ولكن المعيار الشرعي ليس بظلم وربما يرجع ذلك إلى عدم توافر الدراسات عن نسبة زواج التعدد على أسس علمية من خلال تجارب حقوق المرأة. أسباب العنوسة - ما هي أسباب انتشار العنوسة؟ من اهم أسباب انتشار العنوسة تغير نمط الحياة فأصبحت المرأة المتعلمة العاملة هي المطلوبة بالإضافة إلى مظاهر الجمال الخادعة، بينما الفتاة التي تجلس في المنزل وتحافظ على نفسها وعباءتها تكون فرصتها في الزواج أقل والبعض يخاف منها ويعتبرها معقدة نفسيا. وتوجد حلول مدروسة عن طريق التسامح ووضع تسهيلات زواج الشباب من الجهات المعنية للقضاء على العنوسة من خلال توفير سكن، ولكن الخوف أن تفتح التسهيلات مشاكل أخرى فبدلا من أن تكون الفتاة عانسا تتحول العلاقة الزوجية من مؤسسة اجتماعية إلى مؤسسة تجارية. ويقول خمدن إن زواج العوانس حفظ لكرامتهن كذلك يجب الا ينظر إلى قضايا المرأة من ناحية عاطفية في المطالبة بحقوقها، فالشاب أصبح يتزوج الأجنبية لسهولة طلاقها من البحريني نتيجة النتائج السلبية لقراراتنا لأن المطالبة بحقوق المرأة لابد أن تكون قرارا مؤسسا وقانونيا أو شرعيا ويجب تحديد العواقب. توعية إعلامية والنائب مكي هلال الوداعي أوضح معنى العنوسة أنها المرحلة التي تصل إليها المرأة التي تجاوزت السن المعتادة للزواج فلا يكون أمامها خيار سوى الترمل أو المتزوج. وأضاف: لكن هناك إشكاليات أخرى للزواج لأسباب اقتصادية تواجه الأولاد أيضا وتؤدي إلى انتشار العنوسة بينهم، فالملاحظ أن الشباب لا يمكنهم الزواج نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، فراتب 200 دينار لا يمكن أن يقضي حاجات الفرد الأساسية، وهذا له دور في تأخر الزواج مما أثر على البنات ورفع درجة العنوسة والسبب الثاني هو الزواج من الأجانب لذلك يجب مساعدة الشباب على الزواج من البحرينيات مثلما حصل في المملكة العربية السعودية والإمارات، والدليل عزوف الشباب عن الزواج ببحرينيات بسبب وجود الأجنبيات بشكل مكثف بالإضافة إلى صعوبة الحياة الاقتصادية. ولكن التعدد لا يعتبر حلا أمثل للقضاء على العنوسة، ويعتبر حلا من الحلول إذا توافرت الفرص وكانت هناك الأسباب الداعية لإنجاح التعدد، لأن هناك كثيرا من الناس يعدد وهو لا يستطيع تحمل تكاليف التعدد "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" وخصوصا أن هناك مشاكل تنتج من التعدد مثل الطلاق والنفقة. ولكن إذا تهيأت الأسباب اللازمة لإنجاح الزواج منها القبول الاجتماعي لأن الزوجة لا تقبل الزوجة الثانية نتيجة النفور الاجتماعي، كذلك الإعلام له دور كبير في توعية الناس بالجانب الإيجابي لتعدد الزوجات، فالبعض يعتبر أن قبول الفتاة التعدد يدل على أنها ذليلة وإنها هدامة للبيوت رغم أنها مارست حقها الطبيعي، لذلك يجب تمهيد أرضية اجتماعية ملائمة قابلة للتعدد على أنها ظاهرة صحية وليست استثنائية وحتى لا يكون مصيرها مثل المطلقات والأرامل، كذلك يجب ألا يوجد فارق كبير في السن أثناء التعدد بحيث يكون الفرق بين سنتين أو خمس سنوات، من اجل التوافق الفكري والانسجام، وحتى لا تشعر الفتاة بأنها لا تعيش زمانها وتشعر بالظلم. النظرة للزوجة الثانية (مدير عام بيت المودة الاجتماعي) د. أمل محمد عبيد اعتبرت أن الزواج الثاني حل من الحلول ولكن ليس شرطا أن يكون الزوج متزوجا وعنده أولاد ولحل المشكلة ممكن أن يتبرع الفرد بالمال لشخص يريد أن يتزوج ويكون حلا أنسب، وخاصة أن النظرة إلى الزوجة الثانية مازال فيها نوع من التخلف بسبب سوء استخدام هذه الفكرة وأصبح التعدد نقمة بسبب قصور الثقافة مما يؤدي إلى أن تعيش الزوجة الثانية في دوامة بدل أن تستمتع في حياتها لأنها تأخرت في الزواج بسبب ظروف اجتماعية خارجة عن ارادتها، لذلك يجب أن يكون هناك عدل "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة". وتقترح عبيد أن تكون هناك دار لرعاية العوانس وتعمل على إيجاد أزواج مناسبين لهن، بحيث يكون هناك توافق في الزواج ويجب تعليم الفتيات معايير إحياء الزواج وأهميته في حياتنا بما يناسب المجتمع وخاصة بالنسبة إلى الزوجة الثانية حتى لا تخرج من دائرة العنوسة إلى دائرة المهجورة أو المطلقة. وكان للشباب والشابات رأي حول قضية تعدد الزوجات كحل للعنوسة: دارين الفيحاني لم تؤيد هذا الحل بحجة أن المرأة يمكنها أن تتغلب على العنوسة عن طريق العمل وعدم حاجتها إلى الرجل في هذا الزمن وقالت وهي تبتسم: لن أقبل أن أكون زوجة ثانية حتى لو عنست، لأن الرجال لن يعدلوا بين النساء ويمكن أن يكون هناك مشاكل عديدة. وتعتبر دارين أن الحل أن توافق الفتاة على الزواج من الخليجيين أو أن تتزوج عن طريق الخاطبة إذا كانت ترغب في الزواج سريعا. وتضيف: كثير من الشباب يرفض أن يتزوج من الفتيات غير المحجبات ولكنه يسعى للزواج من الأجنبيات لأن تكاليف زواجهن أقل، كذلك يرفض البعض الجامعيات والمثقفات خوفا من أن يتعالين عليهم وهذا من أهم أسباب انتشار ظاهرة العنوسة. الضرة أفضل من العنوسة ولم تتفق معها نور الأنصاري فهي ترى أن تتزوج من رجل متزوج ولا تبقى عانسا من غير زوج وخاصة إذا كان والدها متوفى، حتى يكون لها ذخرا في الحياة وخاصة أن الإسلام أحل تعدد الزوجات، كذلك تعدد الزوجات له دور في أن تبتعد الفتيات غير المتزوجات عن طريق الحرام. وأضافت: الزوجة الثانية أفضل من زواج المسيار ويجب أن يكون الزواج علانية وليس في السر، وان تكون الزوجة الأولى على علم بذلك. بينما كان الشاب أيمن علي متفائلا للغاية وقال: أجد أن تعدد الزوجات حل للعنوسة لأن الشرع أحل أربعا، ولكن يجب على الرجل أن يعدل بين زوجاته، ولكن للأسف من الملاحظ أن هناك عنوسة بين الشباب بسبب الغلاء المعيشي وتدني الرواتب وهذا سبب من أسباب انتشار العنوسة بين الفتيات. وعادل عبدالرحمن تحدث بكل ثقة وقال: يجب على الرجل أن يتزوج أربع نساء لأن الشرع أحل التعدد ولا أعتقد أنه سيكون هناك مشاكل، فوالدي متزوج من اثنتين ولكنه يستطيع أن يحل المشاكل ويعدل بين الاثنتين وهذا يعتمد على شخصية الرجل ويجب أن يكون مقتدرا. سكينة علي اعتبرت تعدد الزوجات حلا من الحلول للعنوسة ولكنه غير مناسب في الوقت الحاضر لأن الزوج لا يمكنه القيام بواجباته تجاه زوجة واحدة فكيف يمكنه فتح بيتين؟ لذلك يجب أن توضع ضوابط وأهمها العدل بين الزوجات فقال تعالى "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة". وتمنت سكينة أن تواجه ظاهرة العنوسة بجدية أكثر من خلال ابتعاد الشباب عن الزواج بالأجنبيات بسبب غلاء المهور، ويجب على البنات والأهالي أن يخفضوا مهورهم وطلباتهم، حتى لا يكن عوانس في النهاية. شروط تعجيزية وحسين جاسم اعتبر تعدد الزوجات في ظل الغلاء المعيشي والرواتب المتدنية من الأمور المستحيلة رغم أن الدين الإسلامي أحل الزواج من أربع النساء بشرط العدل بين الزوجات وبذلك يكون الحل الأمثل للقضاء على العنوسة. وناشد حسين الأهالي أن يبتعدوا عن الشروط التعجيزية للزواج وهي المهور المرتفعة والحفلات الكبيرة، مما يؤدي إلى زواج الشباب من أجنبيات وانتشار العنوسة بين البحرينيات. ورقية علي تحدثت بحرقة وقالت: لقد كنت في البداية أرفض أن أكون زوجة ثانية بسبب المشاكل الناتجة من التعدد، ومنها عدم العدل ولكن بعد أن كبرت في السن بدأت أكون أكثر واقعية لأني بحاجة إلى شريك يرافق دربي بالإضافة إلى أن أهلي لن يعيشوا لي طول الدهر، وخاصة انني موظفة وبحاجة إلى بديل يحل محلي أثناء عملي ليطبخ لزوجي ويهتم به. وانتقدت رقية نظرة المجتمع إلى الزوجة الثانية على أنها جريمة وانها هدامة بيوت رغم أن الزواج حلال، وتمنت أن تتغير هذه النظرة. وطالبت الفتيات بأن يبتعدن عن المهور الكبيرة وطلباتهن الكبيرة حتى لا يصلن إلى سن العنوسة ويندمن على ذلك، لأن ذلك سيجعل الشباب يتزوجون من الأجنبيات لأنهن أقل تكلفة.











ليست هناك تعليقات: