
بسم الله الرحمن الرحيم
19 أكتوبر 2008م
تقاعد النواب في الفقه القانوني
«انا عرضنا الامانة على السموات و الارض و الجبال فابين ان يحملنها و اشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا»....................................صدق الله العظيم
في لقاء جمعني مع ش ح +أ ج وهما نائبان حاليا مقاطعان سابقاً قال احدهما معترضا على نواب2002 في ذلك الحين ( أريدك أن تقارن لي بين سعي النواب لخدمة الناس و بين ركضهم و مثابرتهم لتمرير تقاعد النواب لصالحهم) والآن أرى أن ذلكما النائبان المعترضان سابقا مقاتلان شديدان لأجل تمرير ذات القانون ( و لعل ذلك من باب كل يجر النار الى قرصه)
علاقة النواب بالناخبين تطورت على مر الزمان و مرت بتغييرات جوهرية , فالأصل هو أن يعبر المواطن عن رأيه مباشرة و لكن لما كبرت الدول و توسعت المهام صعب الحصول على رأي كل الناس في كل القضايا سيما و انه قبل إبداء الرأي يتوجب مناقشة الموضوع و الاستعانة بأهل الاختصاص في القضايا الفنية
مما أوجد حلا بديلا يتمثل في انتخاب أفراد (يفترض) أن يكونوا محل ثقة الناخبين لتمثيل مصالحهم و التحدث بلسانهم
لكن الثقة المطلقة لم تكن موجودة و إنما كان هناك احتمال التخلي عن تمثيل مصالح الناخبين و القيام بالعمل بما يحقق المصالح الشخصية للنائب و لذلك كان الناخبون و قبل التصويت لأحد المرشحين يجبرون المترشح على توقيع استقالة بدون تاريخ و يحتفظون بها لديهم فإذا لم يقم بتمثيل مصالحهم قاموا بوضع التاريخ في ورقة الاستقالة و قدموها للجهة المختصة و بهذا يتخلصون من نائبهم غير المرغوب فيه أو المغضوب عليه أو صاحب الأداء الضعيف ( مثل البعض اللي تعرفونه)
لكن هذا الأسلوب في مراقبة و محاسبة النائب أوجد الفوضى و تسبب في عدم استقرار السلطة التشريعية و جعل النواب كلٌ يقاتل من أجل ناخبيه فقط و لا شان له ببقية الناخبين المنتسبين لنفس الوطن مما يسبب عمليا تمزيق الشعب الواحد و يسبب ضياع مصالحه العليا
لذلك تم إلغاء هذا النظام و تم النص على أن النائب يمثل الأمة بأسرها ( و إن كان عمليا لا يمثل كما نرى غير ناخبيه بل لا يمثل غير الجهة الداعمة له في الانتخابات)
و يمكن الآن مراقبة و محاسبة و معاقبة النائب الذي أداءه ضعيف عن طريق عدم انتخابه مرة أخرى ,أما في أثناء ولايته النيابية فلا سلطان للناخبين على النائب حيث ينص القانون على (أن إرادة النائب مستقلة عن إرادة الناخبين)
و لكن ما يطالب به النواب الآن من إقرار تقاعد لهم لا محل له في القانون السياسي لعدة أسباب:
فمن جهة أنهم بهذا يفقدون الناخبين أهم أداة محاسبية يمتلكونها و هي عدم التصويت للنائب السلبي الأداء لأنه حتى و لو لم يصوتوا له سيضمن جواز دبلوماسيا مدى الحياة و راتب تقاعدي كبير و امتيازات أخرى
و من جهة فان مقدار الراتب التقاعدي و آلية احتسابه و نطاق شموله اكبر بكثير من تتحمله ميزانية دولة فقيرة كالبحرين
و من جهة أخرى أيضا فان تقاعد النواب مربوط بتقاعد الوزراء و بصفة عامة فان تقاعد الوراء و امتيازاتهم تصل إلى ضعف ما سيحصل عليه النواب إن لم يكن أكثر
و سيحصل النواب و من في حكمهم من سابقين و لاحقين على مبالغ تقاعدية خيالية
و الاستشهاد ببعض الدول التي تقر نظاما تقاعديا للنواب ليس استشهادا صحيحا فتلك الدول وازنت بين صلاحية النواب و الدور الذي يقومون به و الحد الأدنى من الأداء المتوقع منهم و بين استحقاق الراتب التقاعدي
وهناك نقطة مهمة يصر كل النواب ومن في حكمهم على الالتفاف عليها وهي أن القواعد القانونية العامة تفترض أن يحتسب الراتب التقاعدي للنواب في الدورة اللاحقة للدورة التي تم فيها إقراره بمعنى آخر فان قانون التقاعد لو اقر الآن فانه يسري على نواب 2010 و من يتلوهم و ليس ما سبق ذلك لكن الجماعة يريدونه أن يسري على السابقين و اللاحقين
وأما دعوى أن النائب يصبح بلا عمل بعد انتهاء مدة نيابته و لا يكون له مصدر رزق فهي دعوى مردودة فمن المعلوم المؤكد أن النواب السابقين يستلمون ألف دينار شهريا من الديوان الملكي و لا زالوا يحتفظون بجوازاتهم الدبلوماسية ( خلافا للقانون)وهذا غير أموالهم الخاصة من مؤسسات و استثمارات فقل ان نجد نائبا يخرج من المولد بلا حمص ( مولاي كما خلقتني)
و مع بالغ الأسف فان البعض يسعى لتمرير القانون المذكور بمعية قانون لزيادة الرواتب و سيستخدم عبارة انه تم تمرير القانون رعاية للمواطنين لان القانونين هما حزمة واحدة غير قابلة للتفكيك و حتى لا تضيع الفرصة على المواطنين فأنهم وافقوا على القانون – على مضض- و إلا فهم متعففين عنه مستنكفين لأخذه
و هذه المطالبة بقانون التقاعد المذكور تذكرني بسمسار تأجير شقق صادفنه أثناء دراستنا بالخارج فقد اكتشفنا بعد أن دفعنا عربون الشقة انه كذب علينا و خدعنا و أعطانا شقة خلافاً للمتطلبات التي اشترطناها عليه فجلس معه زميلي في السفر و بهدله و هزئه لمدة ثلث ساعة و هو (معلش يابا شا.. حقك علي ياباشا.. اللي تشوفه يا باشا..ان آسف يا باشا ) إلى أن عجز زميلي عن الهدرة و تعب من الصراخ فإذا بالسمسار يطالبنا بعمولته و مكافئته لأنه وفَر لنا الشقة!! ( عيونه قوية ما تنكسر )
و من يطالب من النواب بالقانون المذكور هو مثل ذلك السمسار تماما .. فعلى ماذا تستحقون التقاعد ؟؟ و أي انجاز حققتم ؟؟ و أي بلاء دفعتم ؟ ألستم تصيحون بكرة و عشيا شاكين من أن الانجاز يساوي صفرا و أن المجلس مكبلا بالآليات العقيمة الخ تلك النياحة التي تعوَدنا عليها؟؟؟ فلو لم يكن لكم من مثلبة إلا سالفة ال1% لكفى بها إثما مبينا ..فثيبوا الى رشدكم و راجعوا أنفسكم و تلافوا من ما مضى من تقصيركم بمزيد من العمل الصادق و الدؤوب و المثمر في ما بقي من ولايتكم و اختموها بخير( و انسوا سالفة التقاعد أحسن لنا و لكم).
بقلــــــــــــم :
المحامي الشيخ /عبد الهادي خمدن
للاتصال: 39242747
skhadi@batelco.com.bh
sk-hadi@hotmail.com